الخميس، 17 نوفمبر 2016

☆ قصة لمريض بالسكري رقم 2

إعداد الفني الصيدلي في مجمع الدمام الطبي ( عبد الله اليوسف  )

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أعزائي ... إليكم قصة من قصص المراجعين و المرضى و هذه القصة بالذات تخص زميلا و صديقا لنا في المستشفى .
ففي أحد أيام المناوبات الصباحية كنت مناوبا في صدلية الإسعاف و التي تعتبر قلب المستشفى في ذلك الوقت فهي التي تمد المراجعين من المرضى في جميع الأقسام و قسم الإسعاف بالأدوية و المعلومات الدوائية  :
في ذلك اليوم الطويل و الذي كانت المناوبة فيه تمتد من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة الثالثة بعد الظهر يتخللها التعب و الجهد الكبير نتيجة كثرة الطلبات و الاتصالات ... وقد حان وقت الصلاة فأخذت أجمع أغراضي و أهيءنفسي بالخروج من الصيدلية لآداء الصلاة وقد سلمت العهدة و مكاني لزميل آخر ينوب عني في هذه الفترة .
خرجت من الصيدلية فإذا بي ألتقي أحد الزملاء و الأصدقاء في ممر العيادات يمشي و كأنه رجل آلي حيث كانت عيناه غائرتين و شاحب الوجه و شفتاه منطبقتين على بعضهما .. ناديته باسمه : فلان ... فلان ... فلان .....
لكنه لم يجبني فاقتربت منه أكثر و ربت على كتفه
قائلا له : لا بأس عليك ... لا بأس عليك ....
و فجأه سقط على الأرض مغمى عليه ، ناديته ، حركته .. فلم يستجب لي و هنا شعرت بفزع و خوف شديد و تمتمت قائلا : لا حول ولا قوة إلا بالله .
و قمت بحمله و قد كان خفيف الوزن و نحيل الجسم .. ذهبت به إلى قسم الإسعاف و الطواريء و ألقيت بجسده على أحد الأسرة بعد أن طلبت من الممرضة و الأطباء الإسراع في معاينة زميلنا العزيز لأنه يحتاج إلى العناية الطبية السريعة فهو يعاني من هبوط حاد في معدل السكر بالدم .
فسألني الطبيب قائلا : و كيف عرفت ذلك ؟
فقلت له : هذا صديق لي و أعرف حالته الصحية و أنه يعاني من مرض السكر و يأخذ جرعات من الإنسولين .


جاءت الممرضة بجهاز فحص السكر وكانت النتيجة كما توقعت .. إنه إنخفاض حاد في السكر حيث كانت نسبته بين الأربعين و الخمسين درجة فقط و هنا أمر الطبيب بتركيب المحاليل الطبية لزميلنا وإعطائه حقن (الجلوكوجن ) بشكل سريع .
لقد شعرت بالتعب و القلق الكبير و أخذ جبيني يتصبب عرقا و أخذتني العبرة على زميلنا و صديقنا العزيز و طلبت من الطبيب العناية الفائقة به ، و استأذنت منه للذهاب إلى الصلاة و الدعاء لزميلنا بالشفاء العاجل و طلبت منه الاتصال بي في الصيدلية إذا كان هناك أي حاجة لأي شيء  .
فرغت من صلاتي و دعائي و توجهت إلى إكمال مناوبتي في الصيدلية و قد كان الوقت صعبا جدا حيث تمر الدقائق و الساعات كأنها دهر فلم أستطع الصبر حتى نهاية المناوبة فطلبت من أحد الزملاء ملأ مكاني و استأذنته في الذهاب  لزيارة صديقنا العزيز و الاطمئنان على صحته  .
توجهت إلى قسم الإسعاف و قد سرني ما رأيت فقد كان صديقنا العزيز في
 أحسن حال فقد ردت الحياة إليه .. و انتعش جسده و أشرق وجهه و بادلني الابتسامة و التحية و السلام فقلت له : يا عزيزي أعلم أنك تحب عملك و تعمل فيه بجد و إخلاص لكن هذا لا يمنعك من العناية بصحتك و الاهتمام بطعامك و علاجك فأرجوا منك أن لا يتكرر ما أصابك اليوم مرة أخرى .. في هذه الأثناء جاء الطبيب المعالج وقال : الحمد لله على سلامتك و الشكر كل الشكر لصديقك العزيز و الذي كان واضحا أنه يحبك حبا كبيرا و يهتم لأمرك فقد كان له الدور الكبير في إنقاذ حياتك فخذ كلامه على محمل الجد ولا ترهق نفسك و التزم بتنظيم وجباتك و علاجك  .
فشكرت الطبيب و كل الفريق الطبي على اهتمامهم و جهدهم الكبير بالعناية بالمرضى .
مرت الأيام و الشهور على هذه الحادثة و صديقنا العزيز نسي أيضا أن يهتم بصحته ففي يوم من الأيام أخذ جرعة الإنسولين في السابعة صباحا و لم يتناول فطوره و انشغل بعمله ونسي أمر الطعام و عندما حان وقت الصلاة ذهب أحد الزملاء إلى مكان عمل صديقنا  المريض بالسكري ليصحبه للصلاة و لكن يال الهول فقد وجده ممددا على الأرض و ظن أنه مغمى عليه .. حاول إيقاظه مرارا و طلب النجدة من قسم الإسعاف و بعد فحصه تبين و للأسف أنه قد فارق الحياة  .
تلقيت اتصالا من أحد الزملاء الذي يعرف عن علاقتي الوطيدة بزميلنا العزيز و أخبرني أن زميلنا هذه المرة لم ينج من إنخفاض السكر و قد كان الثمن غاليا
فقد فارق زميلنا الحياة رحمه الله فقد كان شابا في مقتبل العمر و أبا لطفلين لم ينعما بحضنه إلى أن يشبا .


لقد أثر غيابه بي كثيرا و ترك رحمه الله جرحا عميقا في قلبي .
أعزائي  ...
إن مرض السكري مرض يحتاج إلى حرص شديد و اهتمام بالغ في أخذ الجرعات الدوائية و تناول الوجبات الغذائية بشكل منتظم فهو مرض لا يحتمل الإهمال و التأخير لأنه قد يكون ثمن  ذلك هوحياتك

 .
     
   ♡ مع تمنياتنا للجميع بالصحة و العافية ♡

هناك تعليق واحد: