حسين علي المصطفى
أربعين يوما على وفاته رحمه الله
إنّ مصابي في والدي أبلغُ من حروفِ الخنساءِ وكلماتِها.
إنني في هذا الموقفِ غير متاح لي الكلام المجلل، ولا الألفاظ الصاخبة، كذلك يريد والدي.
سأفزع إذن إلى الهمس فإنّه حديث القلب.
لقد سلخت ساعات عديدة في نضال مع الحروف والكلمات.
ما عساي أن أكتب وكل الصفحات مطويات في قلبي، ولا يملك قرارها إلاّ والدي (رفيق أيامي الخاوية).
آه، آه …
هل أضع أمامك كأس حياة مطمئنة، لتهفو روحك تواقة إلى لمس طرف مداك المظلم. أم أنّ زفراتك تتناهى لتهمس في قلبك الواهي، وكأنّك عصفور طليق في قفص حريتك! إنّه يجيبك بحب: تعال إلى حديقتي لتقطف زهراً…
فمتى ستبدأ رحلتك، ويداك فارغتان، وقلبك مفعم بالانتظار…
أيها القلب الجشع، هل تود أن أقطف لك الكون من الفضاء.. فإلى متى تستجدي؟!
وبعد…
أحاول أن أسكب عصارة فصولي الأربعة على تربة موتي، حيث تتلاشى حواجزك في هذه اللحظات، ويتراءى لي في نور الموت عالمك الندي…
فطالما صافحتَ وجهي كمن يصافح النور عيني، ويحمل النسيم في جذل عذبات ترانيمك.
آه، آه، …
لقد أوقظني خفق خطاه، وقلبي سجن يبكي من أُحبسه بين جدرانه…
ولم أعِ بعد اللحظة التي جاوزت فيها وصيد الحياة.
ولكن عندما يحين الموت فإن المجهول ينحسر وعندئذ يحين الموت وما رأيتُه لا يمكن إدراكه والوصول إليه.
لقد أذن لي بالرحيل، فتمنوا لي يا أبنائي سفراً سعيداً، ها هي مفاتيح بابي، أعيدها إليكم، ولكن زودوني عند الرحيل بكلمات حلوة، فإن "ميراث الله من عبده المؤمن ولد صالح يستغفر له".
قم ـ 15 / 11 / 1418 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق