عادل البشراوي
ينبغي لنا معرفة أن الأصل في الطبيعة البشرية هو الطيبة والتسامح وحسن الخلق وكل تلك الصفات التي هي في الأصل مكون أساسي للفطرة البشرية.
وهي كذلك إلى أن يتم العبث بهذه الطبيعة البشرية فتقوم جهات لها أهداف شيطانية بتأجيج الفتن وتشويه الفطرة بحيل وأساليب شيطانية ليس أقلها تغييب القدوة الحسنة واستحداث أنماط غريبة ومتعثرة تفرضها هذه الجهات على أنها البديل الطبيعي لما يجب عليه أن تكون القدوة.
وفي الحديث عن الفتن فلنا في الأحداث الدموية التي وعيناها أكبر العبر. فقد عاصرنا أحداث لو تمعنا بها لوجدنا الكثير من الغرابة والبعد عن التلقائية البدهية.
وقد مثلت لي مجازر البلقان التي جرت منتصف تسعينيات القرن المنصرم أول محطة أعاصرها شخصيا حين بدأت التصفيات العرقية من قبل الصرب الأورثوذوكس على البوسنيين المسلمين.
وحقيقة كانت تلك المشاهد المرعبة تمثل لي مصدر إزعاج ونقمة ولكنها كانت أيضا مصدر تعجب وخصوصا عندما قرأت أنه قبل هذه الفترة كانت روح الألفة والتعايش هي السمة السائدة التي تحكم تعايش المكونات الإثنية للبلقان.
وكذلك وفي نفس الفترة جرت أحداث راوندا الشنيعة التي نقلت أحداثها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور ووصفتها بأنها أسرع إبادة جماعية في العالم, فقد قام متمردو قبيلة الهوتو في عام 1994 مستخدمين المناجل والمطارق والسيوف بذبح قرابة الـ 800 ألف من التوتسي أي ما يقدر بـ 70% من سكان راوندا من قبيلة التوتسي. هذا الرقم وبكل المعايير لهو رقم يصعب حتى تصوره.
العجيب أن أهم المجازر حدثت بعد توجيه صاروخين أسقطا الطائرة الرئاسية التي كانت عائدة من محادثات تفاهم تم على إثرها وضع اتفاقية لوقف العنف. وقد قام بالتسبب في حادثة الإسقاط مترمردو الهوتو الذين لم تكن لهم رغبة في الصلح.
ولكن الحديث عن إرجاع أسباب العنف كله للمتمردين أمر لاينبغي تضليلنا به, فقد كانت هناك مشاريع كبرى تديرها شركات أمريكية متنفذة وكان هؤلاء المتمردين مجرد أدوات في أيديها.
وما أشبه اليوم بالأمس, فالحال وإن اختلف في المشهد العام لكنه يبدو في حيثياته مشابها للأحداث الدموية التي تجري اليوم في سوريا. فهذه المجازر الدامية التي يقوم بها التكفيريون لايمكن فهمها إلا ضمن هذا السياق الذي تحدثنا عنه.
فنسبة كبيرة ممن يتصدون لأعمال العنف في سوريا هم سوريون في الأصل, وقد كانوا قبل هذه الأحداث متعايشين مع من يقومون بذبحهم اليوم.
وكما في أحداث راوندا قبل أكثر من عشرين سنة نجد السيناريو ذاته اليوم في سوريا لجماعات لاتقبل بالصلح وتجهد دائما لإفساد أي تفاهم, إنما لايخفى علينا القوى التي تقف وراء هذه الجماعات وتدفعها للقيام بأعمال تسعى بها لإجهاض التفاهمات.
السؤال الأبرز في كل مانقول هو عن تلك القابلية العجيبة لدى بعض البشر والتي تسمح لهم بالإنقلاب على طبيعتهم المتعايشة والتحول إلى شبه وحوش؟
كيف تتم عملية غسل الأدمغة وإعادة برمجة العقول بحيث يستسيغ الجار نحر جاره؟
مهما تكن الإجابة فهذا واقع نراه ونعيشه وحري بنا دراسته والتصدي له بإعادة بناء مجتمعاتنا على أسس من الوعي وإرساء مفهوم المواطنة كأساس للتعايش والمشاركة ونبذ التصنيف الديني والعرقي بشكل تكون فيه هذه التصنيفات ضمن الخصوصيات الفردية ودون أن يكون لها تداخل مع الهوية الوطنية.
ينبغي لنا معرفة أن الأصل في الطبيعة البشرية هو الطيبة والتسامح وحسن الخلق وكل تلك الصفات التي هي في الأصل مكون أساسي للفطرة البشرية.
وهي كذلك إلى أن يتم العبث بهذه الطبيعة البشرية فتقوم جهات لها أهداف شيطانية بتأجيج الفتن وتشويه الفطرة بحيل وأساليب شيطانية ليس أقلها تغييب القدوة الحسنة واستحداث أنماط غريبة ومتعثرة تفرضها هذه الجهات على أنها البديل الطبيعي لما يجب عليه أن تكون القدوة.
وفي الحديث عن الفتن فلنا في الأحداث الدموية التي وعيناها أكبر العبر. فقد عاصرنا أحداث لو تمعنا بها لوجدنا الكثير من الغرابة والبعد عن التلقائية البدهية.
وقد مثلت لي مجازر البلقان التي جرت منتصف تسعينيات القرن المنصرم أول محطة أعاصرها شخصيا حين بدأت التصفيات العرقية من قبل الصرب الأورثوذوكس على البوسنيين المسلمين.
وحقيقة كانت تلك المشاهد المرعبة تمثل لي مصدر إزعاج ونقمة ولكنها كانت أيضا مصدر تعجب وخصوصا عندما قرأت أنه قبل هذه الفترة كانت روح الألفة والتعايش هي السمة السائدة التي تحكم تعايش المكونات الإثنية للبلقان.
وكذلك وفي نفس الفترة جرت أحداث راوندا الشنيعة التي نقلت أحداثها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور ووصفتها بأنها أسرع إبادة جماعية في العالم, فقد قام متمردو قبيلة الهوتو في عام 1994 مستخدمين المناجل والمطارق والسيوف بذبح قرابة الـ 800 ألف من التوتسي أي ما يقدر بـ 70% من سكان راوندا من قبيلة التوتسي. هذا الرقم وبكل المعايير لهو رقم يصعب حتى تصوره.
العجيب أن أهم المجازر حدثت بعد توجيه صاروخين أسقطا الطائرة الرئاسية التي كانت عائدة من محادثات تفاهم تم على إثرها وضع اتفاقية لوقف العنف. وقد قام بالتسبب في حادثة الإسقاط مترمردو الهوتو الذين لم تكن لهم رغبة في الصلح.
ولكن الحديث عن إرجاع أسباب العنف كله للمتمردين أمر لاينبغي تضليلنا به, فقد كانت هناك مشاريع كبرى تديرها شركات أمريكية متنفذة وكان هؤلاء المتمردين مجرد أدوات في أيديها.
وما أشبه اليوم بالأمس, فالحال وإن اختلف في المشهد العام لكنه يبدو في حيثياته مشابها للأحداث الدموية التي تجري اليوم في سوريا. فهذه المجازر الدامية التي يقوم بها التكفيريون لايمكن فهمها إلا ضمن هذا السياق الذي تحدثنا عنه.
فنسبة كبيرة ممن يتصدون لأعمال العنف في سوريا هم سوريون في الأصل, وقد كانوا قبل هذه الأحداث متعايشين مع من يقومون بذبحهم اليوم.
وكما في أحداث راوندا قبل أكثر من عشرين سنة نجد السيناريو ذاته اليوم في سوريا لجماعات لاتقبل بالصلح وتجهد دائما لإفساد أي تفاهم, إنما لايخفى علينا القوى التي تقف وراء هذه الجماعات وتدفعها للقيام بأعمال تسعى بها لإجهاض التفاهمات.
السؤال الأبرز في كل مانقول هو عن تلك القابلية العجيبة لدى بعض البشر والتي تسمح لهم بالإنقلاب على طبيعتهم المتعايشة والتحول إلى شبه وحوش؟
كيف تتم عملية غسل الأدمغة وإعادة برمجة العقول بحيث يستسيغ الجار نحر جاره؟
مهما تكن الإجابة فهذا واقع نراه ونعيشه وحري بنا دراسته والتصدي له بإعادة بناء مجتمعاتنا على أسس من الوعي وإرساء مفهوم المواطنة كأساس للتعايش والمشاركة ونبذ التصنيف الديني والعرقي بشكل تكون فيه هذه التصنيفات ضمن الخصوصيات الفردية ودون أن يكون لها تداخل مع الهوية الوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق